×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 فَلَمَّا عَلِمَتِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَسَمَ مَادَّةَ الشِّرْكِ بِالنَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي لِلَّهِ عز وجل، كَمَا نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ([1]) لِئَلاَّ يُشَابِهَ الْمُصَلِّينَ لِلشَّمْسِ؛ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي إنَّمَا يُصَلِّي لِلَّهِ تعالى، وَكَانَ الَّذِي يَقْصِدُ الدُّعَاءَ بِالْمَيِّتِ أَوْ عِنْدَ قَبْرِهِ أَقْرَبَ إلَى الشِّرْكِ مِنَ الَّذِي لاَ يَقْصِدُ إلاَّ الصَّلاَةَ لِلَّهِ عز وجل لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.

****

الشرح

قوله: «فَلَمَّا عَلِمَتِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَسَمَ مَادَّةَ الشِّرْكِ بِالنَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ»، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في القبور، والغلو في القبور أنواع، منها: البناء عليها، فلا يجوز بناء القباب والمساجد على القبور؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك.

ومنها: الدعاء والصلاة عندها، وإن لم يبين عليها؛ لأن هذا غلو فيها، فإذا جاء الإنسان ودعا عند القبر يظن أن الدعاء عنده مستجاب وله فضيلة، أو صلى عنده يظن أن الصلاة عند القبر له فضيلة، فإن هذا وسيلة إلى الشرك. يقولون: هو ما صلى عند القبر ولا دعا عند القبر إلا لأن هذا الميت له فضيلة، وله خاصية، والشيطان الذي أوقع قوم نوح عليه السلام في الشرك يوقع من بعدهم بهذه الأسباب، فلا يتساهل في أمور الشرك ووسائله، وإن كان المصلي الذي يصلي عند القبر يصلي لله، أو الذي يدعو عند القبر يدعو الله، لكن الدعاء والعبادة عند القبر


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3273)، ومسلم رقم (829).