قوله: «وَلِهَذَا
احْتَجَّ السَّلَفُ - كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - عَلَى أَنَّ كَلاَمَ اللَّهِ غَيْرُ
مَخْلُوقٍ»؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ»، والاستعاذة بالمخلوق لا
تجوز، فدل على أن القرآن غير مخلوق؛ لأنه من كلام الله سبحانه وتعالى، هو صفة من
صفاته سبحانه وتعالى، وفي هذا رد على الجهمية والمعتزلة الذين يقولون: كلام الله مخلوق
- تعالى الله عما يقولون - والأشاعرة الذين يقولون: المعنى غير مخلوق، لكن اللفظ
مخلوق؛ لأن القرآن عندهم من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لفظه، لكن معناه من
الله جل وعلا، وهذا تلفيق بين قول أهل السنة وقول الجهمية، وهو باطل.
قوله صلى الله عليه
وسلم: «لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ
تَكُنْ شِرْكًا». الرقى: جمع رقية، وهي القراءة على المصاب، وقد كانوا في
الجاهلية لهم تعاويذ ورقى يسترقون بها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ
شِرْكًا»، فإذا كانت الرقية من كلام الله أو من الأدعية المشروعة وليس فيها
شرك فلا بأس بها، وهي سبب من أسباب الشفاء والعلاج بإذن الله، أما إذا كان فيها
شرك واستعاذة بالجن أو بالشياطين، أو فيها كلام لا يعرف معناه، أو فيها حروف مقطعة
وطلاسم، فإنها من الرقى الباطلة.
قوله: «فَنَهَى عَنِ الرُّقَى الَّتِي فِيهَا شِرْكٌ كَالَّتِي فِيهَا اسْتِعَاذَةٌ بِالْجِنِّ»، كانوا يستعيذون بالجن والشياطين، وهذا شرك بالله عز وجل؛ لأنه لا يستعاذ إلا بالله سبحانه وتعالى، والاستعاذة نوع من أنواع العبادة ولا تجوز إلا بالله، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا﴾ [الجن: 6]، فما زاد الجن والإنس إلا رهقًا؛ أي: خوفًا وقلقًا، وتسلطوا عليهم، فانعكس الأمر عليهم، فهم يريدون السلامة، ولكنها جلبت لهم الخوف والرهق والعياذ بالله، فعاملهم الله بعكس ما يريدون.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد