×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَكَذَلِكَ دُعَاءُ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وَاسْتِغْفَارُهُمْ وَشَفَاعَتُهُمْ هُوَ سَبَبٌ يَنْفَعُ إذَا جَعَلَ اللَّهُ تعالى الْمَحَلَّ قَابِلاً لَهُ، وَإِلاَّ فَلَوِ اسْتَغْفَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لَمْ يَغْفِرْ لَهُمْ؛ قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ [المنافقون: 6].

وَأَمَّا الرُّسُلُ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ هُمُ الْوَسَائِطُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَخَبَرِهِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُصَدِّقَهُمْ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرُوا بِهِ، وَنُطِيعَهُمْ فِيمَا أَوْجَبُوا وَأَمَرُوا، وَعَلَيْنَا أَنْ نُصَدِّقَ بِجَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عز وجل؛ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَمَنْ سَبَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا مُبَاحَ الدَّمِ.

****

الشرح

دعاء الرسل واستغفارهم ينفع بإذن الله، إذا علم الله قابلية المحل لذلك فإنه ينفع؛ أمَّا إذا علم الله أن المحل لا يقبل فإن استغفار الرسل لا ينفع، قال تعالى: ﴿ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ [التوبة: 80].

أي: المنافقين، ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ [المنافقون: 6]، والسبب: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ، حرمهم الله بسبب ظلمهم وإيثارهم الكفر على الإيمان، فلم يقبل فيهم شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا استغفاره، فالأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى. أمَّا استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين فإنه ينفعهم؛ لأنهم مؤمنون.

قوله: «وَعَلَيْنَا أَنْ نُصَدِّقَ بِجَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عز وجل؛ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ»، إذا علمنا وتيقنا أن الرسل وسائط بينا وبين الله في تبليغ شرعه وأمره ونهيه، فيجب علينا أن نطيعهم ونتبعهم فيما بلغوه عن الله سبحانه وتعالى، ولا يسعنا أن نخالفهم ونعصيهم؛ لأنهم مبلغون عن الله، وبإذنه سبحانه وتعالى،


الشرح