×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَإِذَا كَانَ الإِْقْسَامُ بِغَيْرِ اللَّهِ وَالرَّغْبَةُ إلَيْهِ وَخَشْيَتُهُ وَتَقْوَاهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، هِيَ مِنَ الأَْحْكَامِ الَّتِي اشْتَرَكَتِ الْمَخْلُوقَاتُ فِيهَا، فَلَيْسَ لِمَخْلُوقٍ أَنْ يُقْسِمَ بِهِ وَلاَ يَتَّقِيَ وَلاَ يَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ الْمَخْلُوقَاتِ.

****

الشرح

قوله: «وَهَكَذَا دَلَّتِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...»، محل الشاهد: «أي مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ»، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما شفع عند الله ابتداءً، وإنما سجد بين يدي الله وعظَّمه، ثم دعاه وتضرع إليه، حتى قال له الله: «أَيْ مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ». هذا مثل قوله تعالى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255]، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وكل أُولي العزم أحالوا عليه، ولم يشفع ابتداء، وإنما شفع بعد إذن الله عز وجل، فكيف بغيره؟!

قوله: «فَيَحُدُّ لِي حَدًّا»، فلا يشفع لكل الناس، وإنما يشفع فيمن أذن الله للشفاعة فيه، قال تعالى: ﴿وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ [الأنبياء: 28]، الله جل وعلا حدَّ له حدًّا يشفع فيهم، فالأمر كله لله سبحانه وتعالى.

قوله: «وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ. فَبَيَّنَ الْمَسِيحُ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ»، المسيح لما قال: «اذْهَبُوا إلَى مُحَمَّدٍ؛ عَبْدٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» بيَّن أنَّ محمدًا هو الشفيع عند الله، والمشفع من الله سبحانه وتعالى، ومع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب الشفاعة ابتداء، وإنما سجد بين يدي ربه وتضرع إليه، ودعاه حتى أذن له وقال: «ارْفَعْ رَأْسَكَ».


الشرح