×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَإِنَّمَا الْمَشْرُوعُ الصَّلاَةُ عَلَيْهِ فِي دُعَاءٍ. وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ الدُّعَاءَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ ذَكَرُوا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، لَمْ يَذْكُرُوا فِيمَا شَرَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالِ التَّوَسُّلَ بِهِ، كَمَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ دُعَاءَ غَيْرِ اللَّهِ وَالاِسْتِعَانَةَ الْمُطْلَقَةَ بِغَيْرِهِ فِي حَالٍ مِنَْ الأَْحْوَالِ؛ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، فَإِنَّ دُعَاءَ غَيْرِ اللَّهِ كُفْرٌ، وَلِهَذَا لَمْ يُنْقَلْ دُعَاءُ أَحَدٍ مِنَ الْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ - لاَ الأَْنْبِيَاءُ وَلاَ غَيْرُهُمْ - عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ الْمُجْتَهِدِينَ.

****

الشرح

قوله: «وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ الدُّعَاءَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ ذَكَرُوا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، لَمْ يَذْكُرُوا فِيمَا شَرَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالِ التَّوَسُّلَ بِهِ». من أسباب قبول الدعاء في الاستسقاء وغيره: أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه، وأما أن يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فهذا ممنوع وليس بمشروع، فإذا أردت أن يستجاب دعاؤك فأت بأسباب الإجابة، ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا جئت ببدعة فلن يستجاب لك، ومن ذلك السؤال بجاهه أو بحقه أو بذاته صلى الله عليه وسلم، فإن هذا غير مشروع.

قوله: «لَمْ يَذْكُرُوا فِيمَا شَرَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالِ التَّوَسُّلَ بِهِ»، لم يذكروا التوسل بذاته، أما التوسل باتباعه وطاعته ومحبته صلى الله عليه وسلم، فهذا توسل مشروع؛ لأنه توسل منك بأعمالك الصالحة التي هي اتباعه وطاعته ومحبته، هذا عمل من أعمالك الصالحة، فتتوسل به إلى الله، وكذلك تتوسل بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، هذا من التوسل المشروع.

وقول الفقهاء في باب الاستسقاء: «ويُتوسل إلى الله بالصالحين». مرادهم بدعاء الصالحين، لا بذواتهم أو بجاههم أو حقهم على الله،


الشرح