×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تعالى وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ؛ فَلَوْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالْمَلاَئِكَةِ، أَوْ بِالأَْنْبِيَاءِ، أَوْ بِأَحَدٍ مِنَ الشُّيُوخِ، أَوْ بِالْمُلُوكِ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ؛ وَلاَ يُشْرَعُ لَهُ ذَلِكَ؛ بَلْ يُنْهَى عَنْهُ؛ إمَّا نَهْيُ تَحْرِيمٍ، وَإِمَّا نَهْيُ تَنْزِيهٍ. فَإِنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ؛ فَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1])، وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» ([2]).

وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِأَحَدٍ مِنْ الأَْنْبِيَاءِ إلاَّ فِي نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ فِي أَنَّهُ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ، وَقَدْ طَرَدَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ - كَابْنِ عَقِيلٍ - الْخِلاَفَ فِي سَائِرِ الأَْنْبِيَاءِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَأَصْلُ الْقَوْلِ بِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالنَّبِيِّ ضَعِيفٌ شَاذٌّ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا نَعْلَمُ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ - كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ -: أَنَّهُ لاَ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ؛ كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

****

الشرح

قوله: «وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تعالى»، التوسل الممنوع أن تقول: أسألك بنبيك أو بفلان؛ لأن معناه الحلف على الله بالمخلوق، فمعنى أسألك بنبيك، أي: أحلف عليك بنبيك، والحلف بغير الله لا يجوز بين الناس بعضهم، ولا بين الناس وربهم سبحانه وتعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ».


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2679)، ومسلم رقم (1646).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (6072).