×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا صَحِيحًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلاً أَنْ يَدْعُوَ فَيَقُولَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَتَوَسَّلُ بِكَ إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِيَقْضِيَهَا لِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ»، وَرَوَى النَّسَائِيُّ نَحْوَ هَذَا الدُّعَاءِ ([1]).

وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ: أَنَّ رَجُلاً ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، فَقَالَ: «إنْ شِئْت دَعَوْت، وَإِنْ شِئْت صَبَرْت فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». فَقَالَ: فادعه. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ، إنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ» ([2]). قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

****

الشرح

هذه الأحاديث في سياق دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغيره، ومنهم هذا الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب منه أن يدعو الله له أن يرد بصره، فالنبي صلى الله عليه وسلم علَّمه ماذا يصنع، فأمره أن يتوضأ ويصلي ويطلب من الله أن يشفع فيه نبيه وأن يقبل دعاء نبيه، وهذا لا بأس به في الحياة أن تأتي إلى عبدٍ صالحٍ فتقول: يا فلان، ادع اللهَ لي بالشفاء، فهذا لا مانع منه، والحديثان الأولان ليس فيهما أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الحديث الذي بعدهما حديث عثمان بن حنيف أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يبين الحديثين المطلقين قبله، وأن هذا لم يكن بعد موته صلى الله عليه وسلم وإنما كان في حياته،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3578)، والنسائي في الكبرى رقم (10420)، وابن ماجه رقم (1385)، وأحمد رقم (17240).

([2])  أخرجه: البيهقي في دلائل النبوة (6/ 167).