وهذا لا نزاع فيه، فتطلب
من الحي الحاضر عندكَ أن يدعو الله لك، فهذا الرجل إنما فعل شيئًا جائزًا، فلا
إشكال في هذا.
ومعنى: «شفعه في» أي: تقبلْ دعاءه لي، وقد دعا
النبي صلى الله عليه وسلم فتقبل الله دعاءه، وردَّ بصر هذا الأعمى، وهذا في حال
حياة النبي صلى الله عليه وسلم، أما بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من
الأولياء والصالحين، فلا يطلب منهم دعاء بعد الموت، وما كان الصحابة رضي الله عنهم
يأتون إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: يا رسول الله، ادع الله لنا، بل
لما أجدبوا - كما سبق - ما ذهبوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعلمهم أن ذلك
لا يجوز، وإنما طلبوا من الحي الحاضر معهم أن يقوم مقام الرسول صلى الله عليه وسلم
ويدعو الله لهم، وهو عمه العباس رضي الله عنه، فالمسألة في هذا واضحة ليس فيها
إشكال، ولو كان الذهاب إلى قبره وطلب الدعاء منه أن يشفي المرضى لذهب عميان
الصحابة رضي الله عنهم وقد كان فيهم عميان، كجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر،
وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين - عمي منهم أناس في آخر حياتهم - وما
ذهبوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يرد عليهم أبصارهم، فالأمر
في هذا واضح لا لبس فيه.
الحاصل: أنَّ التوسل بدعاء
الحي جائز، أمَّا التوسل بدعاء الميت فلا يجوز، يدل لذلك أن الصحابة رضي الله عنهم
كانوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أن يدعو الله لهم، فلما مات لم
يطلبوا منه شيئًا؛ رغم ما نزلَ بهم من الحوادث والأشياء التي يحتاجون فيها إلى دعا
الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو كان حيًّا لطلبوا منه، وجرتْ أحداث عظام بعد موت
النبي صلى الله عليه وسلم - من انحباس المطر، وتسلط الأعداء - ومع ذلك لم يكونوا
يذهبون إلى قبره ويطلبون منه الدعاء لهم أو الاستغفار لهم، إنما كانوا يأتون إلى
قبره للسلام عليه فقط إذا قدموا من سفرٍ، وهذا هو السُّنة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد