ثُمَّ فِي مَذْهَبِهِ
قَوْلاَنِ: قِيلَ: يَسْتَدْبِرُ الْحُجْرَةَ، وَقِيلَ: يَجْعَلُهَا عَنْ
يَسَارِهِ. فَهَذَا نِزَاعُهُمْ فِي وَقْتِ السَّلاَمِ، وَأَمَّا فِي وَقْتِ
الدُّعَاءِ فَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ
لاَ الْحُجْرَةَ.
وَالْحِكَايَةُ
الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَنْصُورِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ
اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ: هُوَ وَسِيلَتُكَ
وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ، لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ،
وَهُوَ خِلاَفُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي
كُتُبِ أَصْحَابِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي
وَغَيْرُهُ.
****
الشرح
قوله: «ثُمَّ فِي مَذْهَبِهِ قَوْلاَنِ: قِيلَ:
يَسْتَدْبِرُ الْحُجْرَةَ»، في مذهب أبي حنيفة: لا يستقبل القبر وقت السلام،
إذًا: كيف يفعل؟ عنده قولان في ذلك، أحدها: يستدبر الحجرة ويسلم على الرسول صلى
الله عليه وسلم مستقبلاً القبلة.
قوله: «وَقِيلَ: يَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ»،
وهو متوجه إلى القبلة؛ أي: يكون من الجانب الغربي على يساره.
قوله: «وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ
مَالِكٍ كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ، لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ»، هذه الحكاية
مرت بنا أول الكتاب أن أبا جعفر المنصور الخلفية العباسي لما زار المسجد والإمام
مالك فيه سأله: هل يستقبل الحجرة بالدعاء؟ قال: «ولمَ تصرف عنه وجهك وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم»، وهذه حكاية مكذوبة
كما بين الشيخ سابقًا، وبين أنها حكاية مكذوبة على الإمام مالك رحمه الله.
قوله: «وَهُوَ خِلاَفُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ»،
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد