وَإِذَا تَكَلَّمْنَا
فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى مِنَ التَّوْحِيدِ بَيَّنَا أَنَّ
الأَْنْبِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لاَ يَسْتَحِقُّونَ مَا
يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى مِنْ خَصَائِصَ: فَلاَ يُشْرَكُ بِهِمْ،
وَلاَ يُتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ يُسْتَغَاثُ بِهِمْ كَمَا يُسْتَغَاثُ
بِاللَّهِ، وَلاَ يُقْسَمُ عَلَى اللَّهِ بِهِمْ، وَلاَ يُتَوَسَّلُ
بِذَوَاتِهِمْ، وَإِنَّمَا يُتَوَسَّلُ بِالإِْيمَانِ بِهِمْ وَبِمَحَبَّتِهِمْ
وَطَاعَتِهِمْ وَمُوَالاَتِهِمْ، وَتَعْزِيرِهِمْ وَتَوْقِيرِهِمْ، وَمُعَادَاةِ
مَنْ عَادَاهُمْ، وَطَاعَتِهِمْ فِيمَا أَمَرُوا، وَتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا
أَخْبَرُوا، وَتَحْلِيلِ مَا حَلَّلُوهُ، وَتَحْرِيمِ مَا حَرَّمُوهُ.
وَالتَّوَسُّلُ
بِذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ
يَتَوَسَّلَ بِذَلِكَ إلَى إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَإِعْطَاءِ السُّؤَالِ؛ كَحَدِيثِ
الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ، فَإِنَّهُمْ تَوَسَّلُوا
بِأَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ لِيُجِيبَ دُعَاءَهُمْ وَيُفَرِّجَ كَرْبَتَهُمْ،
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي:
التَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى حُصُولِ ثَوَابِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ وَرِضْوَانِهِ،
فَإِنَّ الأَْعْمَالَ الصَّالِحَةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه
وسلم هِيَ الْوَسِيلَةُ التَّامَّةُ إلَى سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ،
وَمِثْلُ هَذَا كَقَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿رَّبَّنَآ
إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ
فََٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَئَِّاتِنَا
وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ﴾ [آل عمران: 193] فَإِنَّهُمْ قَدَّمُوا ذِكْرَ
الإِْيمَانِ قَبْلَ الدُّعَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ
عَنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْله تعالى: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ
فَرِيقٞ مِّنۡ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا
وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ﴾ [المؤمنون: 109]. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
****
الشرح
قوله: «وَإِذَا تَكَلَّمْنَا فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى مِنَ التَّوْحِيدِ...»، خصائص الله جل وعلا وحقوقه لا يشاركه فيها غيره،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد