×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ؛ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ» ([1]). وقال لَهُ بَعْضُ الأَْعْرَابِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت، فَقَالَ: «أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ نِدًّا؟! بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» ([2]).

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تعالى لَهُ: ﴿قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوٓءُۚ [الأعراف: 188]، وقال تعالى: ﴿قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي ضَرّٗا وَلَا نَفۡعًا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۚ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا يَسۡتَ‍ٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ [يونس: 49]، وقال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ [القصص: 56]، وقال تعالى: ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ [آل عمران: 128].

وَهَذَا تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ؛ مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ.

****

الشرح

قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ...»، نهى صلى الله عليه وسلم عن هذه اللفظة حماية للتوحيد، ولا شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم وغيره من البشر لهم مشيئة، ولكن لا يُجمع بينها وبين مشيئة الله بالواو العاطفة؛ لأنَّ الواو تقتضي التشريك والمساواة، فيؤتى بـ«ثم» التي هي للترتيب، فيقال: «ما شاء الله، ثم شاء محمد» حينئذ تكون مشيئة الرسول صلى الله عليه وسلم تابعة لمشيئة الله جل وعلا وليست مساوية لها، فهذا هو فرق ما بين العطف


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4980)، وابن ماجه رقم (2118)، وأحمد رقم (23339).

([2])  أخرجه: النسائي في الكبرى رقم (10759)، وأحمد رقم (1839)، والطبراني في الكبير رقم (13005).