وَالْمَرَاتِبُ فِي هَذَا
الْبَابِ ثَلاَثٌ:
إحْدَاهَا: أَنْ
يَدْعُوَ غَيْرَ اللَّهِ وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ
الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي فُلاَنٌ
أَغِثْنِي، أَوْ أَنَا أَسْتَجِيرُ بِك، أَوْ أَسْتَغِيثُ بِكَ، أَو اُنْصُرْنِي
عَلَى عَدُوِّي.
وَأَعْظَمُ مِنْ
ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، كَمَا يَفْعَلُهُ طَائِفَةٌ
مِنَ الْجُهَّالِ الْمُشْرِكِينَ. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْجُدَ
لِقَبْرِهِ وَيُصَلِّيَ إلَيْهِ، وَيَرَى الصَّلاَةَ أَفْضَلَ مِنَ اسْتِقْبَالِ
الْقِبْلَةِ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ قِبْلَةُ الْخَوَاصِّ،
وَالْكَعْبَةُ قِبْلَةُ الْعَوَامِّ.
****
الشرح
قوله: «إحْدَاهَا أَنْ يَدْعُوَ غَيْرَ اللَّهِ
وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ
أَوْ غَيْرِهِمْ». أعظم المراتب في هذا الباب خطرًا: الأدعية الشركية التي
يدعى فيها غير الله من الأولياء والصالحين والأموات والغائبين، وهذه كثيرة جدًّا -
والعياذ بالله - عند المخرفين والصوفية والقبوريين، فهم لا يدعون الله أبدًا،
وإنما يدعون هؤلاء المخلوقين؛ إما الأموات، أو الغائبين، فدعاؤهم كفر وشرك، وهذا
أخطر أنواع الأدعية غير المشروعة.
قوله: «فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي فُلاَنٌ أَغِثْنِي، أَوْ أَنَا أَسْتَجِيرُ بِكَ، أَوْ أَسْتَغِيثُ بِكَ، أَو اُنْصُرْنِي عَلَى عَدُوِّي». المخلوق لا يجوز دعاؤه وهو ميت أو غائب أبدًا؛ ولو كان من الملائكة أو الأنبياء والمرسلين أو الأولياء والصالحين، قال الله جل وعلا: ﴿فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ﴾ [غافر: 14] أي: الدعاء، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا﴾ [الجن: 18]، وقال تعالى: ﴿وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ﴾ [الأحقاف: 5]، وقال عز وجل: ﴿وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117] سمَّاه كافرًا، فهذا باب خطير جدًّا يجب على المسلم أن يفهم هذا.
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد