وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ
فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ أَوْ غَيْرِهِ
أَنَّهُ جَعَلَ مِنَ الْمَشْرُوعِ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يُتَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم دَاعِيًا لَهُ وَلاَ شَافِعًا فِيهِ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ
عُمَرَ وَأَكَابِرَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَرَوْا هَذَا مَشْرُوعًا بَعْدَ مَمَاتِهِ،
كَمَا كَانَ يُشْرَعُ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ كَانُوا فِي الاِسْتِسْقَاءِ فِي
حَيَاتِهِ يَتَوَسَّلُونَ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَتَوَسَّلُوا؛ بَلْ قَالَ
عُمَرُ فِي دُعَائِهِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ الثَّابِتِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ
الْعِلْمِ، بِمَحْضَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ فِي عَامِ
الرَّمَادَةِ الْمَشْهُورِ، لَمَّا اشْتَدَّ بِهِم الْجَدْبُ حَتَّى حَلَفَ عُمَرُ
لاَ يَأْكُلُ سَمْنًا حَتَّى يُخْصَبَ النَّاسُ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَسْقَى
بِالْعَبَّاسِ قَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ
إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِعَمِّ
نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»؛ فَيُسْقَوْنَ ([1]).
وَهَذَا دُعَاءٌ
أَقَرَّهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مَعَ
شُهْرَتِهِ، وَهُوَ مِنْ أَظْهَرِ الإجْمَاعَاتِ الإقْرَارِيَّةِ، وَدَعَا
بِمِثْلِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي خِلاَفَتِهِ لَمَّا اسْتَسْقَى
بِالنَّاسِ ([2]).
****
الشرح
عاد الشيخ رحمه الله إلى قضية حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه في أنه أجاز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وهذا قول صحابي يطرأ عليه ما سبق من الاختلاف، فقوله: «إذَا ثَبَتَ» دلَّ على أن الرواية فيها مقال. أنتم تقولون: إن قول الصحابي حجة إذا لم يخالفه غيره، وعثمان بن حنيف رضي الله عنه خالفه الصحابة رضي الله عنهم؛ خالفه عمرُ رضي الله عنه والمهاجرون والأنصار،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1010).
الصفحة 1 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد