×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وأن العرش يقله سبحانه وتعالى، وأنه محتاج إليه كما يحتاج الراكب إلى ما تحته، فالله تبارك وتعالى غني عن العرش، بل العرش هو المحتاج إلى الله وهو الذي يمسكه سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ [فاطر: 41]، إن بمعنى ما، يعني: ما أمسكهما، ﴿مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا [فاطر: 41]، فالعرش هو المحتاج إلى الله، والله غني عن العرش، وهذا بخلاف الإنسان إذا كان على سطح أو باخرة أو على ظهر دابة، فهو محتاج إلى هذا الشيء ليحمله.

قوله: «وَقَدْ جَعَلَ تعالى الْعَالَمَ طَبَقَاتٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ أَعْلاَهُ مُفْتَقِرًا إلَى أَسْفَلِهِ». هذا تقريب كيف يكون الله فوق المخلوقات، وهو ليس بحاجةٍ إليها لتقله وتحمله، كيف يتصور هذا؟ أي: هذا متصور حتى في المخلوقات بعضها فوق بعض، وليس الأعلى بحاجة إلى ما تحته، فالسماوات فوق الأرض، وهي ليست بحاجة إلى الأرض، والسحاب فوق الأرض، وهو ليس بحاجة إلى الأرض.

قوله: «أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَأَغْنَى وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يَفْتَقِرَ إلَى شَيْءٍ بِحَمْلٍ أَوْ غَيْرِ حَمْلٍ». إذا كانت المخلوقات بعضها فوق بعض ولا يفتقر بعضها إلى بعض، فليست السماء بحاجة إلى الهواء، وليس الهواء بحاجة إلى الأرض، كل مخلوق مستقل لا يحتاج إلى الآخر، وما ثبت للمخلوق من الكمال فالخالق أولى به، فإذا كان هذا في المخلوقات لا يفتقر الأعلى منها إلى ما تحته، فالله جل جلاله أولى بأن يكون غنيًّا عما تحته سبحانه وتعالى.

قوله: «بَلْ هُوَ الأَْحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» أي: ليس له شبيه يكافئه ويماثله.


الشرح