×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وإتعاب الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا في حياته، أما بعد موته فما أحد منهم إذا أشكل عليه شيء يأتي ويقول: يا رسول الله، أسألك عن كذا أفتني.

وقد كانت تحدث الخصومات في الأموال، ولا يذهبون إلى قبر صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم، إنما هذا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ -هذا في حياته- ﴿لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا [النساء: 64].

قوله: «فَعُدُولُهُمْ عَنْ هَذَا إلَى هَذَا مَعَ أَنَّهُمْ السَّابِقُونَ الأَْوَّلُونَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَْنْصَارُ». عدولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته إلى عمه العباس رضي الله عنه، أو غيره من الصالحين يطلبون منه الدعاء، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم مستجاب الدعوة، فعدولهم دليل على أن الميت لا يطلب منه شيء، ولا الأنبياء ولا غيرهم.

قوله: «فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أعلم منا بما يجوز وما لا يجوز؛ لأنهم تعلموا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا شرع لنا اتباعهم: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ [التوبة: 100] شرع لنا اتباعهم، وما كانوا يذهبون إلى القبر يطلبون من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم، أو أن يفتيهم في المشكلات، أو أن يقضي بينهم في الخصومات، أو يسألوا منه سداد ديونهم، أو قضاء حاجاتهم، كما كانوا يفعلون هذا حال حياته صلى الله عليه وسلم، فالمهاجرون والأنصار عدلوا عن ذلك؛ لأنه لا يجوز، فكيف يأتي بعدهم من يشرع للناس الذهاب إلى القبور، ويأمرهم أن يطلبوا من الأموات حوائجهم، أو الدعاء، أو الاستغفار لهم؟ هذا مخالف لما كان عليه المهاجرون والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان من الأئمة الذين جاءوا بعدهم لم يكونوا يفعلون هذا.


الشرح