وهو غائب لا يسمعه، فهذا دليل على الإخلاص، وأنه لا يدعو لغرض دنيء، وإنما
يدعو لغرضٍ شريفٍ، وهو نفع أخيه.
قوله: «فَكَيْفَ يُشْبِهُ دُعَاءَ مَنْ يَدْعُو
لِغَيْرِهِ بِلاَ سُؤَالٍ مِنْهُ إلَى دُعَاءِ مَنْ يَدْعُو اللَّهَ بِسُؤَالِهِ
وَهُوَ حَاضِر»، دعاؤك لأخيك حاضرًا أو غائبًا جائز ولا حرج فيه، أمَّا طلبك
الدعاء فهذا جائز؛ لكن تركه أفضل.
قوله صلى الله عليه
وسلم: «أَعْظَمُ الدُّعَاءِ إجَابَةً
دُعَاءُ غَائِبٍ لِغَائِبِ» لأنه - كما سبق - أدل على الإخلاص، وأبعد عن الشرك
والرياء.
قوله صلى الله عليه
وسلم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو لأَِخِيهِ
بِظَهْرِ الْغَيْبِ بِدَعْوَة» أي: وهو غائب لا يراه؛ حتى لا يتملقه أو ينافق
معه، فهو أفضل من دعائه له وهو حاضر، وأيضًا: أفضل من ناحيتين: الأولى: أنه أدل
على الإخلاص والمحبة، والثانية: أن الله وكل ملكًا من الملائكة يؤمن على دعاء
المسلم لأخيه الغائب، ودعاء الملائكة مستجاب، فهذا فيه فضل الدعاء لأخيك الغائب.
قوله: «وَذَلِكَ أَنَّ الْمَخْلُوقَ يَطْلُبُ مِنَ الْمَخْلُوقِ مَا يَقْدِرُ الْمَخْلُوقُ عَلَيْهِ، وَالْمَخْلُوقُ قَادِرٌ عَلَى دُعَاءِ اللَّهِ وَمَسْأَلَتِهِ»، هذا ليس من دعاء المخلوق شيئًا لا يقدر عليه، فمن سأل المخلوق شيئًا لا يقدر عليه فقد أشرك شركًا أكبر، كالذي يدعو المخلوق لشفائه، أو أن يرزقه ولدًا أو مالاً، أو يحل له البركة في أمواله، هذا شرك أكبر؛ لأن هذا لا يقدر عليه إلا الله، أما سؤال المخلوق بما يقدر عليه، فتقول: ادع الله لي، وهو يقدر على الدعاء، أو تقول: أعطني كذا، أعرني السيارة، أو القلم، ونحو ذلك. فهذا لا بأس به جائز، وإن استغنيت عنه وعن الناس أحسن، لكنه جائز.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد