×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

وَهَذَا الْحَدِيثُ - حَدِيثُ الأَْعْمَى - قَدْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي «دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ» كالبيهقي وَغَيْرِهِ: رَوَاهُ البيهقي مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الخطميِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ: أَنَّ رَجُلاً ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، فَقَالَ لَهُ: «إنْ شِئْتَ أَخَّرْت ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَك، وَإِنْ شِئْت دَعَوْت»، قَالَ: فادعه، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ الْوُضُوءَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَيَقْضِيهَا لِي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَقَامَ وَقَدْ أَبْصَرَ.

وَمِنْ هَذَا الطَّرِيقِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ.

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا.

وقال التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ الخطميِّ.

هَكَذَا وَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الخطميُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

****

الشرح

قوله: «وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا إلاَّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ». هذا هو الأصل، لا بدَّ أن يكون بدليل شرعي، لا سيما في أمور العبادة، فإن العبادة توقيفية، فلا بدَّ من دليلٍ شرعيٍّ على مشروعيتها.

قوله: «وَالْعِبَادَاتُ لاَ تَكُونُ إلاَّ وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً، فَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلاَ مُسْتَحَبٍّ فَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ»، فالمباح - مثلاً - ليس بعبادة، إن فعلته فلا ثواب فيه، وإن تركته فلا إثم فيه، إنما العبادة ما كان واجبًا 


الشرح