×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وتعامل بالرِّبا فقد باع نفسه للشيطان، وإذا دُعِيَ إلى الصلاة فبادر بالإجابة ولبَّى الدعوة فقد باع نفسه لله، وإذا لم يُجب داعي الله ولم يحضر لأداء الصلاة وآثر شهوة نفسه على طاعة ربه فبقي على فراش نومه أو على لهوه ولعبه فقد باع نفسه للشيطان.

وهكذا الإنسان طول حياته لا يزال بين داعيين، داعي الرحمن وداعي الشيطان فأيهما أجاب فقد باع نفسه له، والنفس أعزُّ شيءٍ لدى الإنسان. إذا عرف قدرها لم يَبِعها إلا بأنفس الأثمان كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ [التوبة: 111]. وإذا لم يعرف قدر نفسه باعها بالخسران، كما قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ [الزمر: 15]. إنَّ أهل الإيمان لما عرفوا قدر أنفسهم باعوها بالجنان التي هي أغلى الأشياء، وباعوها لله الذي هو أرحم بهم من أمهاتهم والذي هو الغني والوفي الذي يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات، أما أهل الطغيان فقد باعوا أنفسهم لعدوِّهم الشيطان بأرخص الأثمان، باعوها بشهوةٍ عاجلةٍ ولذةٍ زائلةٍ وذلةٍ دائمةٍ، ونارٍ حاميةٍ﴿وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 102]،﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 103]، فاتقوا الله عباد الله ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ [الحشر: 19]. واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم... إلخ.

******


الشرح