الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، خلق الإنسان من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ، وأشهد أن «لا إله إلا الله»
وحده لا شريك له، الملك الحق، وإليه مصير الخلق، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلى
جميع الثقلين الجن والإنس بشيرًا ونذيرًا، وداعيًّا إلى الله بإذنه وسراجًا
منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا...
·
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله واذكروا
بدايتكم ونهايتكم فقد خُلقتم من التراب، وتصيرون إلى التراب، ثم تُبعَثون للجزاء
والحساب: ﴿مِنۡهَا
خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ﴾ [طه: 55] فكيف يليق بمن هذا حاله، وتذكر سرعة زواله عن هذه الدنيا
وانتقاله أن يتكبر ويطغى، أن رآه استغنى، وينسى أن إلى ربه الرجعى، لقد بلغ من
طغيان هذا الإنسان، أن جحد قدرة الرحمن، وأنكر البعث والحساب: ﴿مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ
وَهِيَ رَمِيمٞ﴾ [يس: 78] ونسي بدايته وإيجاده من العدم وأن الذي قدر على خلقه أول مرةٍ
قادرٌ من باب أولى على إعادته ﴿قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ
خَلۡقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: 79].
بل لقد بلغ من طغيان هذا الإنسان أن أنكر وجود الله، فها هي الشيوعية في عصرنا الحاضر ومن شابهها من الملاحدة تنكر وجود الله الخالق وتتعامى، عن آياته الكونية في الآفاق والأنفس، وتنسى أن في كل شيءٍ له آية تدل على أنه واحدٌ: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥ أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ٣﴾ [الطور: 35، 36]
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد