الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، جعل الدنيا دار ممر، وجعل الآخرة هي المستقر وأمر الإنسان أن يتزود من
دار ممره لدار مقره. وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا
عبده ورسوله، حذَّر أمته من الركون إلى هذه الدار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه
البرَرة الأطهار، الذين هم في الليل عباد وفي النهار أُسود على الكفّار، وسلَّم
تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى
واستعدوا من أيامكم لما أمامكم، واعلموا أن من علامات الساعة التي ظهرت، هذه
المخترعات العجيبة التي قربت البعيد، وطوت المسافات، وهذه المعادن المخزونة التي
اكتشفت في الأرض، وفشوّ التجارة والزراعة، فهذه من الآيات العظيمة في الآفاق،
وهناك آيات في الأنفس، وهي كثرة الأمراض الخطيرة التي لم تكن معروفة من قبل وكثرة
موت الفجأة، وكثرة الحوادث والحروب والفتن، كل هذا من علامات الساعة، كما أخبر
بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الدنيا ليست
بدار إقامة فلا تطمئنوا إليها. قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر: «كُنْ
فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» ([1]) إذ من المعلوم أن
الغريب وعابر السبيل لا يطمئن في مكان الغربة وفي أثناء الطريق في السفر، واعلموا
أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
******
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6053).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد