الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، حذَّر من أهوال يوم القيامة. وأمر الإنسان بالاستعداد لما أمامه، وأشهد
أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى
وأطيعوه. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ
سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ﴾ [الليل: 4]، أي مختلف. فمنكم من يفعل خيرًا ومنكم من يفعل
شرًا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ
نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» »([1]).
ومعناه: أن كل إنسانٍ إما ساعٍ في هلاك نفسه أو في فكاكها فمن سعى في طاعة الله فقد باع نفسه لله وأعتقها من عذابه، كما قال تعالى:﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡرِي نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة: 207]. ومن الناس من يبيع نفسه للشيطان ويهلكها بالعذاب، فالإنسان إذا خرج من بيته وذهب إلى المسجد لأداء الصلاة فقد باع نفسه لله، وإذا خرج من بيته إلى دُور اللهو وأمكنة الفساد فقد باع نفسه للشيطان، وإذا ذهب إلى عمله الوظيفي ونصح فيه وقام به على ما يرام فقد باع نفسه لله، وإذا خان في عمله الوظيفي وضيَّعه أو أخذ الرشوة فيه فقد باع نفسه للشيطان، وإذا ذهب إلى متجره فصدق في تعامله مع الناس وتجنَّب الغش والخديعة والربا فقد باع نفسه لله، وإذا غشَّ في البيع وطفَّف الميزان وكذب على الزبائن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (223).
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد