الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، وعد السائلين أن يُجيبهم، ووعد العاملين أن يثيبهم. وأشهد أن «لا إله
إلا الله» وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، كان أسرع الناس إلى فعل
الخيرات، وأسبقهم إلى الطاعات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي المناقب
والكرامات. وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ﴾ [محمد: 33]. أي امتثلوا ما أمركم الله به وما أمركم به رسوله من فعل الطاعات وترك المحرمات، ولا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي، فهذا نهي عن كل سبب يوصل إلى بطلان الأعمال الصالحة؛ فإن الإنسان قد يعمل أعمالاً صالحة تتوفر فيها أسباب الصحة التي سبق بيانها، لكنه يسلَّط عليها ما يبطلها من أقوال وأعمال سيئة، فالصدقة يبطلها المنّ والأذى، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ﴾ [البقرة: 264]. والكلام المحرم قد يبطل العمل، فقد يتكلم الإنسان بكلمة سيئة تحبط عمله، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ: وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلاَنٍ، فَقَالَ اللهُ عز وجل: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى -أَي يَحْلِف- عَلَيَّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ، إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» ([1]). قال أبو هريرة رضي الله عنه: تكلَّم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، وفي الصحيحين عن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2621).
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد