×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 في صلاح القلب وفساده

الحمد لله ربِّ العالمين، خلق الإنسان في أحسن تقويم، وفَضَّله على كثير ممّن خلق بالإنعام والتكريم؛ فإن استقام على طاعة الله استمر له هذا التفضيل في جنات النعيم، وإلا ردَّ في الهوان والعذاب الأليم. وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، وهو الخلاّق العليم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله شهد له ربه بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ [القلم: 4]. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على النهج القويم، والصراط المستقيم، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

·        أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله سبحانه لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فالقلب هو محل نظر الله من العبد.

وهو الذي إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله. كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو محل معرفة الله ومحبته وخشيته وخوفه ورجائه، ومحل النية التي بها تَصْلُح الأعمال وتُقبل، أو تُردُّ وتَبْطُل. قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» ([1]).

قال ابن القيم رحمه الله: فأشرف ما في الإنسان قلبه، فهو العالم بالله الساعي إليه والمحبُّ له، وهو محل الإيمان والعرفان، وهو المخاطب المبعوث إليه الرسل، المخصوص بأشرف العطايا من الإيمان والعقل،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).