الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، أمرنا بالاقتداء بأهل الخير والرشاد، ونهانا عن الاقتداء بأهل الشر
والفساد، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، شهادةً تنفع قائلها يوم
المعاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من سائر العباد، صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن العلماء والمعلِّمين والدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر هم في طليعة مَن يُقتدى بهم؛ فإن كانوا صالحين ومستقيمين فهم قدوة صالحة، وهم من أعظم الناس أجرًا، قال الله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾ [فصلت: 33] وإن كانوا غير مستقيمين وغير عاملين بعلمهم وما يدعون الناس إليه فهم قدوة سيئة وهم من أشد الناس عذابًا. قال الله تعالى: ﴿أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة: 44] وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٢ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ ٣﴾ [الصف: 2، 3]. فاقتدوا -رحمكم الله- بالعلماء العاملين والدعاة المخلصين، واختاروا لأولادكم المعلمين الصالحين، واحذروا من علماء الضلال ودعاة الفساد والانحلال، والمعلمين والمنحرفين في عقائدهم وأخلاقهم؛ فإن هؤلاء أخطر على الأمة من الأسلحة الفتاكة والأمراض الوبائية، ومن أشد ما يتأثر به الأطفال والنساء وضعاف
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد