الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى
يوم الدين.
·
أما بعد:
عباد الله: ومعنى «لا إله إلا
الله» ومقتضاها التحاكم إلى شريعته وتحريم ما حرمه وتحليل ما أحله، وأن لا يطاع
مخلوقٌ بمعصيته، فيجب على من قال «لا إله إلا الله» الحكم بشرع الله، والكفر
بأحكام الطواغيت واجتنابها؛ لأن التشريع حقٌّ لله وحده، فمن وضع قوانين يُحكمُ بها
بين الناس بدل شريعة الله فقد جعل نفسه شريكًا لله، ومن أطاعه في ذلك مُختارًا فقد
أشرك بالله، قال تعالى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ
شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ﴾ [الشورى: 21]، وقال
تعالى: ﴿وَإِنۡ
أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121]
وقال تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ
أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ
مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ
إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 31].
ولما سمع عدي بن حاتم رضي الله عنه هذه الآية، قال: يا رسول الله إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسُوا يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُحِلُّونَهُ؟ وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، أَلَيْسُوا يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟» قَالَ: بَلَى! قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» »([1]) وهذا يتمثل اليوم في الولاة الذين يحكمون
([1]) أخرجه: الطبراني في « الكبير » رقم (218)، والبيهقي رقم (20137).
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد