في الاعتبار والتذكر
الحمد لله الواحد
القهار، يكوِّر الليل على النهار، ويكوِّر النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل
يجري لأجلٍ مسمى ألا هو العزيز الغفار، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك
له أمرنا بالتفكُّر والاعتبار، فقال: ﴿فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [الحشر: 2] وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين
منهم والأنصار. وسلَّم تسليمًا ما تعاقب الليل والنهار.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى
وتفكَّروا وتذكَّروا؛ فإن العبر كثيرةٌ ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ﴾ [غافر: 13].
عباد الله: بين أيديكم من العبر والعظات، والآيات البينات ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فبين أيديكم القرآن العظيم الذي لو أُنزِل على جبلٍ لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، والذي قال الله فيه: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا﴾ [طه: 113] إنكم تقرؤون هذا القرآن بأنفسكم وتسمعونه من غيركم، وهو يخاطبكم بلغتكم فيأمركم وينهاكم ويحذركم من الذنوب والمعاصي ويبين لكم عقوبتها وسوء عاقبتها، ويحدثكم عن الغيوب الماضية والمستقبلة، ويقص عليكم من أنباء الرسل والأمم والأخيار والأشرار والجنة والنار، يصف لكم الجنة وما فيها من النعيم.... والنار وما فيها من العذاب الأليم، حتى كأنكم تشاهدونهما عيانًا، وهو كلام رب العالمين، وأصدق القائلين، وهو حجةٌ لكم أو عليكم، فلينظر
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد