الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له مخلصين له الدين، وأشهد أن
محمدًا خاتم النبيين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، ووثِّقوا صلتكم به بطاعته وفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه والإكثار من دعائه، فإنه لا غنى بكم عنه طرفة عين، وهو يأمركم بدعائه واستغفاره مع غناه عنكم، وأنتم تعرضون عنه مع فقركم وحاجتكم إليه، وهذا من عجائب نفسية هذا الإنسان، قال تعالى: ﴿إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ﴾ [الشورى: 48] أي لا يعرف إلا الساعة الراهنة؛ فإن أصابته نعمة أشر وبطر، وإن أصابته محنة يئس وقنط. هذه طبيعة الإنسان إلا مَنْ مَنَّ الله عليه بالإيمان؛ فإن المؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأَِحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ» ([1]) وكذلك هذا الإنسان هو دائمًا في حاجة إلى ربه لكنه لا يدعوه تكبرًا. كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] وقال تعالى: ﴿ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2999).
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد