الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، القائل في كتابه المنير: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي
بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ
ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]. وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، ﴿وَهُوَ ٱللَّطِيفُ
ٱلۡخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيد بالبيِّنات المعجزات صلى
الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وناصروه وجاهدوا معه ونشروا الدين في
مشارق الأرض ومغاربها حتى ظهر على سائر الأديان.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وتأملوا هذا الحدث «الحديث» ([1])العظيم الذي نوَّه الله بشأنه فقال: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]. مجّد الربّ نفسه لقدرته الباهرة حيث ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ﴾ [الإسراء: 1] محمد صلى الله عليه وسلم بأن نقله في جنح الظلام ﴿مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ﴾ [الإسراء: 1] بمكة المشرفة ﴿إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا﴾ [الإسراء: 1] وهو بيت المقدس الذي بفلسطين -مسجد الأنبياء من عهد إبراهيم الخليل، عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام- مع بُعد ما بين المسجدين من المسافة، ثم عرج به من هناك حتى تجاوز السبع الطباق والتقى بالأنبياء وكلّمه الله من وحيه بما شاء وفرض عليه الصلوات الخمس ثم عاد إلى مكة من ليلته وحدَّث الناس بذلك فآمن به مَن آمن وكفر مَن كفر، كما قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِيٓ أَرَيۡنَٰكَ إِلَّا
([1]) استبدال من طبعة دار المعارف.
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد