الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وأنزل عليه الكتاب والحكمة فهدى به من
الضلالة، وبصَّر به من العمى، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا...
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله واعلموا
أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور
محدثاتها وكل بدعة ضلالة، وإذا كان كذلك فجميع العبادات والأحكام والثواب والعقاب
لا يثبت شيء ولا يجوز العمل به، إلا إذا دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم، ولا تحصل معرفة ذلك بمجرد القراءة في الكتب، بل لا بد من الرجوع إلى
أهل العلم.
قال تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ
إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43] فالعلم إنما يتلقى عن أهل العلم المختصين؛
لأن الله جعل العلماء ورثة الأنبياء فهم المرجع الذي يرجع إليه المسلمون بعد
الأنبياء في أمور دينهم، وليس المرجع إلى الكتب وحدها ولا إلى الجهَّال
والمخرِّفين، وعلى هذا فلا يجوز نقل الأحاديث أو المواعظ أو الفتاوى من الكتب،
ونشرها وتوزيعها دون رجوع إلى أهل العلم.
وإذا كان لا يجوز أخذ الأدوية واستعمالها دون رجوع إلى الأطباء خشيةً من ضررها ووضعها في غير مواضعها.
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد