الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، ولم يترك عباده في هذه
الحياة الدنيا هملاً، بل أنزل عليهم لأجل هدايتهم كتبًا وأرسل إليهم رسلاً، وجعل
موعدًا لمجازاتهم لن يجدوا من دونه موئلاً، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله وتذكَّروا؛ فإن الشيء بالشيء يُذكر، وفي هذه الأيام يستعد الطلاب للامتحان في دروسهم ويحملون الهمَّ الشديد ويتعبون أبدانهم بالسهر والمذاكرة، وأذهانهم بالتفكير وهم على خوف شديد من سوء النتيجة، ويتعب معهم آباؤهم وأولياؤهم، يخافون لخوفهم ويقلقون لقلقهم وربما يستأجرون لهم من يعطيهم دروسًا إضافية للتقوية، وإذا أخفقوا في الامتحان حزنوا أشد الحزن وصاروا يلومونهم على تفريطهم. كل هذا يتحملونه من أجل امتحان الدنيا وهو لا يترتب عليه سعادة ولا شقاوة ولا نعيم ولا عذاب ولا طاعة ولا معصية، وينسون الامتحان الحقيقي الذي يُجرى عليهم من الله في كل يوم أو في كل ساعة، وينسون أنهم ممتحنون في الأوامر والنواهي الشرعية وأنهم ممتحنون في أزواجهم وأولادهم وممتحنون في أموالهم، ممتحنون في سرَّائهم وضرَّائهم، ممتحنون بأعدائهم وأصدقائهم. فهم دائمًا في امتحان لا يخرجون من نوع إلا ويدخلون في نوع آخر من الامتحان، والنتيجة إما سعادة وإما شقاء، إما جنة ورضوان من الله وإما نار
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد