الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، خلقنا ورزقنا ولم يتركنا سُدى، بل جعل لنا موعدًا يجازى فيه المحسن
بإحسانه والمسيء بإساءته ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46] أحمده
على نعمه التي لا تحصى، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، له الأسماء
الحسنى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقام
على قدميه الشريفتين حتى تفطرتا من طول القيام شكرًا لله، فصلى الله وسلم عليه
وعلى آله وأصحابه الذين تمسَّكوا بسنَّته وساروا على نهجه.
·
أما بعد:
ـ«أيها الناس: اتقوا الله تعالى وكونوا» ([1]) مع المؤمنين الصادقين الطيبين، وابتعدوا عن الخبثاء والمفسدين، فقد أمركم الله بذلك في محكم كتابه المبين. قال تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ﴾ [التوبة: 71]. وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ﴾ [الأنفال: 73]. وقال تعالى: ﴿ٱلۡخَبِيثَٰتُ لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ﴾ [النور: 26] أي الخبيثات من النساء أو من الكلمات، للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء أو الكلمات والطيبات من النساء أو من الكلمات للطيبين من الرجال. والطيبون من الرجال للطيبات من النساء أو من الكلمات، وهذا
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد