الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي هدى
أولياءه إلى صراط مستقيم، ووفقهم لمخالفة أصحاب الجحيم، وأشهد أن «لا إله إلا
الله» وحده لا شريك له ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ
ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا
فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [الحشر:24] وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله، حذَّر أمته من مشابهة الكفار في سلوكهم الذميم، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه القويم، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله واعلموا
أنه كما يجب استعمال التاريخ الهجري، ويحرم استعمال التاريخ الميلادي النصراني،
كذلك يجب اعتبار الشهور العربية القمرية، ويحرم اعتبار الشهور الإفرنجية وغيرها؛
لأن الله سبحانه جعل الأهلَّة لجميع الناس مواقيت للمعاملات والعبادات. كما قال
تعالى: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ
عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ َ﴾ [البقرة: 189].
وأخبر سبحانه أنه جعل القمر نورًا وقدَّره منازل لأجل معرفة السنين والحساب، قال
تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي
جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِيَآءٗ وَٱلۡقَمَرَ نُورٗا وَقَدَّرَهُۥ مَنَازِلَ
لِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ﴾ [يونس: 5].
فيجب على المسلمين التقيد بالشهور العربية القمرية في توقيتهم -وهي الشهور الاثنا عشر التي أولها المحرم وآخرها ذو الحجة- المذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرٗا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ وَقَٰتِلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ كَآفَّةٗ كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ كَآفَّةٗۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36].
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد