الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله
وإحسانه، هدانا للإسلام، وبيَّن لنا الحلال والحرام. وأشهد أن «لا إله إلا الله»
وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله يهدي به الله
من اتبع رضوانه سبل السلام. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلَّم
تسليمًا كثيرًا على الدوام..
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
واعلموا أن التقوى هي صلاح القلب، فإذا صلح القلب صلحت الأعمال والتصرفات، قال
تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن
يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي مازلنا نتأمل في معانيه: «أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ» ([1]) فصلاح حركات العبد «بجوارحه» ([2]) واجتنابه للمحرمات واتقاؤه للشبهات بحسب صلاح قلبه؛ فإن كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه الله. صلحت حركات الأعضاء كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها وتوقي الشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات، وإن كان القلب فاسدًا قد استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يشتهيه الإنسان ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح
([1]) أخرجه البخاري رقم (52) ومسلم رقم (1599).
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد