×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 الخطبة الثانية:

الحمد لله ربِّ العالمين، أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينًا، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين تمسَّكوا بسنَّته وابتعدوا عن مخالفته، وسلَّم تسليمًا.

·        أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها. وكل محدثة بدعة. وكل بدعة ضلالة.

ومن البدع المحدثة المنكَرة ما نحن بصدد الحديث عنه، وهو بدعة إحياء ذكرى المولد النبوي، وقد سبق أن بيّنّا بعض الأدلة على بطلان هذه البدعة والآن نتعرض لردّ شبهات الذين يرون جواز عمل هذه البدعة، فمن شبههم أنهم يقولون: إن إحياء هذه الذكرى يدلّ على محبة النبي صلى الله عليه وسلم فنقول لهم: هل أنتم تحبون النبي صلى الله عليه وسلم أشد من محبة أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ وسائر الصحابة ؟ فلماذا لم يعمل خلفاؤه وصحابته احتفالاً بذكرى مولده بعد موته مع شدة محبتهم له؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَْرْضِ خَلِيلاً، لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً» ([1]). وقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى مِنْ نَفْسِي» ([2]) إنهم لم يتركوا هذا العمل إلا لأنه غير جائز ولأن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (467)، ومسلم رقم (532).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6632).