الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، يمنُّ على من يشاء من عباده بهدايته للإيمان، ويوفقه للعمل الصالح
وتلاوة القرآن، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا شريك له واسع الفضل والإحسان،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، كان خُلُقُه القرآن، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه
ومن تبعهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى
بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ فإن تقواه عنوان السعادة وجماع البر...
ولنعد إلى تأمل
الآيتين السابقتين، قال تعالى: ﴿تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ﴾ [فاطر: 29] ﴿لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ
غَفُورٞ شَكُورٞ﴾ [فاطر: 30] أي إن هؤلاء الذين يتلون كتاب الله ويقيمون الصلاة وينفقون مما
رزقهم الله لا يطلبون بذلك رياءً ولا سمعةً، ولا يريدون بذلك طمعًا من مطامع
الدنيا الفانية، ولا يريدون بذلك رئاسةً وترفعًا على الناس، وإنما يطلبون بذلك
ثواب الله ويتاجرون مع الله الذي تربح عنده التجارة أضعافًا كثيرة ﴿لِيُوَفِّيَهُمۡ
أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ﴾ [فاطر: 30].
وهذه التجارة لا خطر عليها من الخسارة؛ لأن ربحها مضمونٌ، ولا خطر عليها من التلف والضياع والسرقة؛ لأنها من عند من لا يضيع أجر المحسنين و ﴿لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 40] ولا خوف على هذه التجارة من الكساد؛
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد