الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ
العالمين، نصب من آياته على وحدانيته دليلاً، وأشهد أن «لا إله إلا الله» وحده لا
شريك له، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتَّخِذه وكيلاً، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله أنزل الله عليه: ﴿إِنَّ
هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا﴾ [المزمل: 19] صلى
الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه دائمًا وبكرةً وأصيلاً.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى وتأملوا آياته فيكم قال تعالى: ﴿وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ﴾ [الذاريات: 21] مما كان أقرب الأشياء إلى الإنسان نفسه دعاه خالقه إلى التبصر والتفكير فيها، فإنه إذا نظر في نفسه ومبدأه ومنتهاه وأنه قد خلق من قطرة ماءٍ مهين، كون منها اللحم والعظام والعروق والأعصاب وأحيطت هذه الأشياء بجلدٍ متين، وجعل في هذا الإنسان ثلاثمائة وستين مفصلاً ما بين كبيرٍ وصغيرٍ وثخينٍ ودقيقٍ ومستطيلٍ ومستدير، ومستقيمٍ ومنحنٍ، للاتصال والانفصال والقبض والبسط والقيام «والمشي» ([1]) والقعود والاضطجاع، وجُعلَ في جسمه أبوابٌ متعددةٌ بابان للسمع، وبابان للبصر، وبابان للشم، وبابان للكلام والطعام والشراب والتنفس، وبابان لخروج الفضلات المؤذية - التي يؤذي احتباسها فيه، وجعل الناس مختلفين في العقل والتفكير، والنطق والبيان، واللغات والألوان.
([1]) زيادة من طبعة دار المعارف.
الصفحة 1 / 453
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد