وإنما الجوارح اتباع للقلب يستخدمها استخدام
الملوك للعبيد والراعي للرعية، فسبحان مقلِّب القلوب، ومودعها ما يشاء من أسرار
الغيوب، الذي يحول بين المرء وقلبه، ويعلم ما ينطوي عليه من طاعته ودينه، مصرف
القلوب كيف يشاء، أوحى إلى قلوب الأولياء أن أَقبِلي إليّ فبادرت وقامت بين يدي رب
العالمين، وكره عز وجل انبعاث آخرين فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين.
كانت أكثر يمين رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» ([1]). وكان من دعائه «اللهُمَّ
مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ» ([2]). إلى أن قال الإمام
ابن القيم رحمه الله: وإذا تأملت حال القلب مع المَلَك والشيطان رأيت العجب
العجاب، فهذا يُلِمُّ به مرة وهذا يُلِمُّ به مرة، فإذا ألمَّ به الملَك حدث من
لمَّته الانفساحُ والانشراحُ والنورُ والرحمة والإخلاص والإنابة ومحبة الله
وإيثارُه على ما سواه وقصر الأمل والتجافي عن دار الغرور، فلو دامت له تلك الحال
لكان في أهنأ عيش وألذه وأطيبه، لكن تأتيه لَمّةُ الشيطان فتُحدث له من الضيق
والظلمة والهمّ والغمّ والخوف والسخط على المقدور والشك في الحق والحرص على الدنيا
وعاجلها والغفلة عن الله ما هو من أعظم عذاب القلب..
عباد الله: إن القلوب تقسو فتكون كالحجارة أو أشدَّ قسوة فتبعد عن الله وعن رحمته وعن طاعته. وأبعد القلوب من الله القلب القاسي الذي لا ينتفع بتذكير، ولا يلين لموعظة، ولا يفقه مقالةً. فيصبح صاحبه يحمل في صدره حجرًا صلدًا لا فائدة منه ولا يصدر منه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6617).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد