العرب وغيرهم، ولا تَقِلُّ عنها في الضلال حالة
المِلِّيين من اليهود والنصارى. حيث حرَّفوا دين الأنبياء واتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم. وكان الناس في ضلالٍ مبينٍ في
حياتهم السياسية وخصوصًا العرب فقد كانوا يعيشون في غاراتٍ وثاراتٍ وحروبٍ طاحنةٍ،
وكانوا في ضلالٍ مبين في حياتهم الاقتصادية ومعايشتهم، كانوا يتعاملون بالربا
ويعيشون من النهب والسلب ويأكلون الميتات والدم، كانوا يُسَيِّبون بعض مواشيهم
وزروعهم للأصنام. فلا ينتفعون بها بل كان بعضهم يقتل أولاده تقربًا إلى الأصنام،
وكانوا يقتلون بناتهم خشية العار. هكذا كانت حالة أهل الأرض قبل بعثة النبي صلى
الله عليه وسلم، كما في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَْرْضِ
فَمَقَتَهُمْ، عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»
([1]) أي نزرًا يسيرًا
ممن تمسك بما جاء به عيسى عليه السلام، في هذا الجو المظلم أشرقت أنوار الرسالة
المحمدية. وقد اشتدت حاجة البشرية إليها، على حين فترةٍ من الرسل وطموسٍ من السبل،
فعلّم به من الجهالة، وهدى به من الضلالة، وأغنى به من العَيلة، وأعزَّ به بعد
الذلَّة، وكثَّر به بعد القلَّة. كما قال تعالى: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ
إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن
يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فََٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم
مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [الأنفال: 26].
وقد جمع الإسلام بين القلوب المتنافرة. والقبائل «المتناحرة» ([2])، فجعلها أمة واحدة وإخوانًا متحابِّين في الله وإن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2865).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد