الخطبة الثانية
الحمد لله على فَضله وإحسانه والشُّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما
بعد:
أيها الناس: إنَّ الهجرة هي الانتقال
من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فرارًا بالدين وهي عملٌ جليلٌ، فالهجرة والجهاد في
سبيل الله أعظم الأعمال ولذلك قدم الله ذكر المهاجرين على ذكر الأنصار لأن
المهاجرين أفضل من الأنصار؛ لأنهم تركوا ديارهم وأموالهم وتركوا ذراريهم في سبيل
الله عز وجل فقال تعالى: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ
ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ
يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ
أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ [الحشر: 8] ثم قال في الأنصار: ﴿وَٱلَّذِينَ
تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ
إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ
وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ
شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٩ وَٱلَّذِينَ
جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ
سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ
ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ١٠} [الحشر: 9، 10].
إنَّ الهجرة عملٌ عظيمٌ فيها تركٌ للأموال والأولاد والوطن في سبيل الله عز وجل ولنصرة دين الله عز وجل، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ([1])، فالهجرة باقية ما بقي الإسلام والكفر إلى يوم
الصفحة 1 / 426
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد