الصادق ودارت المعركة، وانتصر المسلمون في أولها بسبب أنهم تمشوا مع الخطة
التي رسمها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خالف بعضهم تلك الخطة أنزل الله
بهم العقوبة ودارت المعركة من جديدٍ فاستشهد منهم سبعون شهيدًا وجُرح منهم الكثير
قال تعالى: ﴿أَوَلَمَّآ
أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ﴾ [آل عمران: 165] أي ما هو
السبب؟ قال الله جل وعلا: ﴿قُلۡ هُوَ
مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [آل عمران: 165] فأصيبوا
بسبب هذه المخالفة التي خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقعت
المخالفة من بعضهم فعمَّت المصيبة جميعهم من أجل أن يتأدبوا وأن يلزموا طاعة
الرسول صلى الله عليه وسلم هم وغيرهم من المسلمين فإذا كان هذا جرى لخير الخلف وهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه خير الأمة بسبب مخالفةٍ من بعضهم فكيف
نستغرب ما حلَّ بالمسلمين اليوم وعندهم من المخالفات ما لا يحصيه إلا الله سبحانه
وتعالى ولولا عفو الله جل وعلا لرأيتم أشد من ذلك. قال الله سبحانه وتعالى ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن
مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ﴾ [الشورى: 30].
وبعد غزوة أحدٍ بسنةٍ
تجمع المشركون وجمعوا قبائل العرب وجاؤوا في غزوة الأحزاب وطوَّقوا المدينة يريدون
القضاء على المسلمين. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حفر خندقًا حول المدينة
ليمنعهم من دخولها وليقاتلوهم من ورائه فحصل على المسلمين ضيقٌ وشدةٌ كما قال الله
سبحانه ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ
إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ
تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا ٩ إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ
أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ
وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ ١٠ هُنَالِكَ
ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا ١١ وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم
مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا ١٢} [الأحزاب: 9- 12] أعداءٌ من الخارج محيطون بالمدينة وأعداءٌ من الداخل