×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثاني

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ  [الواقعة: 74]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ»، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى [الأعلى]، قَالَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ»([1]). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

 

لما نزلت: ﴿فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ في آخر سورة الواقعة، وفي آخر سورة الحاقة، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوهَا» يعني: هذه الكلمة، سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ «فِي رُكُوعِكُمْ» هذا الذكر الذي يقال في الركوع، ولما نزل قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى قال: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ».

هذا فيه: بيان الذكر الذي يقال في الركوع والذي يقال في السجود، وما الحكمة في أنه في السجود يقول: «سُبْحَانَ رَبِّي الأَْعْلَى»، وفي الركوع يقول: «سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ»؟

لأن الركوع تعظيمٌ لله - ولهذا لا يجوز أن يركع لمخلوق؛ لأن الركوع والانحناء للمخلوق عبادة، ولا تجوز إلاَّ لله.

وأما قوله في السجود: «سُبْحَانَ رَبِّي الأَْعْلَى»؛ لأن السجود أبلغ في الخضوع؛ حيث يضع جبهته التي هي أعز شيء في جسمه، يضعها على الأرض تعظيمًا لله سبحانه وتعالى، فناسب قول: «سُبْحَانَ رَبِّي الأَْعْلَى»، فالله جل وعلا هو الأعلى فوق سماواته، مستوٍ على عرشه فوق مخلوقاته، فناسب ذلك عند كون العبد يضع جبهته على الأرض - وهذا أبلغ الخضوع لله عز وجل - أن يقول: «سُبْحَانَ رَبِّي الأَْعْلَى»، والأعلى على مخلوقاته سبحانه بذاته وبقدرته وبقهره فوق مخلوقاته، ﴿وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦ[الأنعام: 18]، م


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (869)، وابن ماجه رقم (887)، وأحمد رقم (17414).