×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثاني

لأنَّه ودَّع فيها النَّاس، وقال: «لَعَلّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عامي هَذَا» وما لبث بعدها صلى الله عليه وسلم إلاَّ شهرين وزيادة أيام، ثُمَّ تُوفي صلى الله عليه وسلم فلذلك سميت حجَّة الوداع.

وقوله: «ثُمَّ انْحَرَفَ جَالِسًا فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ»: هذا يدل على الانحراف جالسًا ويستقبل النَّاس بوجهه، وأنَّه لا يخص جهة دون جهة في استقباله بوجهه.

وقوله: «وَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا»: الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الصبح - يعني: صلاة الفجر - في مسجد الخيف بمنى، فلما سلَّم واستقبل النَّاس بوجهه إذا هو برجلين جالسين لم يصليا معه، فدعاهما فجيء بهما ترعد فرائسهما من هيبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «ما منعكما أن تصليا معنا»، قالا: يا رسول الله، إنا صلينا في رحالنا، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثُمَّ أدركتما الصلاة تقام فصليا معهم، فإنَّها لكم نافلة»، فإذا صادفت الإقامة فلا تجلس خلف النَّاس، صلِّ معهم، وتكون نافلة لك، والأولى هي الفريضة، ولا يقال: تخالف النَّاس! النَّاس يصلون وأنت جالس! تُقام الصَّلاة وأنت جالس! هذا مظهر ليس طيبًا.

وقوله: «فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا إمَّا عَلَى وَجْهِي أَوْ صَدْرِي»: هذا فيه التبرك به صلى الله عليه وسلم، أنَّه يتبرك بجسمه، وثيابه، وعرقه، وريقه، وفضل وضوئه عليه الصلاة والسلام، وبشعره، هذا من خصائص الرسول، أمَّا غيره فلا يُتبرك به، وإن كان من أصلح النَّاس، لم يتبرك الصحابة بأبي بكر وهو


الشرح