والنَّاسُ في ظُلماتٍ مِن الجَهْلِ والكُفرِ والشِّركِ، فأنقَذَهمُ اللهُ به إلى التَّوحيدِ وإلى العِلمِ، فكُلُّ ما في الوجودِ الآنَ منَ العِلمِ النَّافعِ كلُّه ممَّا بَعثَ اللهُ به هذا الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، وقبْلَه كانَ النَّاسُ في ضلالٍ مُبينٍ؛ لبُعْدِ الفَترَةِ بينَه وبينَ الرُّسلِ، فلمَّا بُعِثَ هذا الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم انتَشرَ العِلمُ النَّافعُ، فخَرجَ النَّاسُ منَ الظُّلماتِ إلى النُّورِ، ووُجِدَ العُلماءُ، ووُجِدَ في النَّاسِ العِلمُ النَّافعُ؛ كما هو مَعروفٌ ومَوجودٌ إلى الآن وللهِ الحمدُ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، وكلامُ أهلِ العِلمِ كلُّه نُورٌ منَ اللهِ بأيدي النَّاسِ، وحُجَّةٌ قائمةٌ قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ» ([1])، «إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا، مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا أَوْ عَمِلْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ، وَسُنَّتِي» ([2])، «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ» ([3])، الرَّسولُ سِراجٌ أضاءَ اللهُ بهِ الكَونَ بعدَ الظُّلماتِ، كان النَّاسُ قَبلَه في ضَلالٍ مُبينٍ، كما قالَ سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ﴾ [الجمعة: 2] والأمِّيُّونَ: العَرَبُ. لأنَّهم ليس لهم كِتابٌ قبلَ هذا القُرآنِ العظيمِ الَّذي فاقَ الكُتبَ الإلهيَّةَ، وهو مُهَيمِنٌ عليها: ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ﴾ [فصلت: 42]،
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142)، والحاكم رقم (331).
الصفحة 3 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد