وأمَّا كَونُهُم كانُوا
مُعتَقدِينَ فِيهِ غَيْرَ الحَقِّ أو قائِلِيهِ، فهذا لا يَعتَقِدُه مسلمٌ، ولا
عاقلٌ - عَرَفَ حالَ القَوْمِ.
****
هذا فِي مُقدِّمَةِ ما يَهتمُّونَ به، ويَتعلَّمُونَه، وفِي مُقدِّمتِهم
صَحابةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَتباعُهُم والقرونُ المُفَضَّلَةُ.
هؤلاءِ أكبرُ هَمِّهِم هو مَعرفةُ اللهِ وما يُقرِّبُهم إليهِ، وطلَبُ الآخرةِ.
أمَّا أهلُ الدُّنْيا وأهلُ الشَّهواتِ وأهلُ الإعراضِ، فهؤلاءِ كما قال الله عز
وجل فيهم:﴿أَمۡ تَحۡسَبُ
أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ
بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 44] هؤلاءِ ليسَ لَهُم هِمَّةٌ ولا مَقصِدٌ
إلاَّ شَهواتِهم فقط، فهُم مِثْلُ البهائِمِ ليسَ لها هَمٌّ إِلاَّ أَنْ تَأكُلَ
وتَشربَ، لكن هُم أضَلُّ مِن البهائِمِ؛ لأنَّ البهائمَ ما كُلِّفَتْ. ولا
يَنتظرُها جَنَّةٌ ونارٌ. أمَّا هؤلاءِ فقد أَهملُوا مُستقبَلَهم وآخِرَتَهُم.
أمَّا البهائِمُ فليسَ لها آخِرةٌ، وما لها إِلاَّ الدُّنْيا، وهي مَخلوقةٌ
لِمَصالحِ العبادِ، ولا عليها حسابٌ، ولا لها جَنَّةٌ ولا نارٌ، يقولُ اللهُ لها
يومَ القيامةِ: كُونِي تُرابًا، فتكونُ ترابًا ([1])، أمَّا هذا
الإنسانُ فإنه يُبعَثُ، ويُحاسَبُ، ويُجازَى، ويكونُ مِن أهلِ الجَنَّةِ أو مِن
أهلِ النَّارِ، ولا يَموتُ أبدًا فِي الآخرةِ. أهلُ الجَنَّةِ يُخلَّدُونَ فِي
الجَنَّةِ، وأهلُ النَّارِ مِنَ الكَفَرَةِ والمُشركِينَ يُخلَّدُونَ فِي
النَّارِ، ولا مَوْتَ، فَكيفَ يَغفُلُ عن هذا المَصِيرِ مَنْ فِي قَلْبِه أَدْنَى
ذَرَّةٍ مِن عَقْلٍ؟! وكيفَ يَعرِفُ هذا إِلاَّ إذا عَرَفَ العقيدةَ السَّلِيمَةَ
الَّتِي بُنِيَتْ عَلَى أصُولِ الإيمانِ الَّتِي منها الإيمانُ باليومِ الآخِرِ.
وإِنَّما قَرؤُوا هذه الآياتِ والأحاديثَ فِي الأسماءِ والصِّفاتِ، لكنَّهم لا يعتقدونَ أنَّها تدُلُّ عَلَى شيءٍ -كما يقولُه الجَهميَّةُ وأضرابُهم-
([1])انظر: تفسير الطبري (7/ 188)، وتفسير ابن أبي حاتم (4/ 1286).
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد