واستَقبلُوهُم بالتَّرحابِ والمَحَبَّةِ والمُواساةِ؛ كما ذَكرَهُم اللهُ
عز وجل فِي سُورَةِ الحشر:﴿لِلۡفُقَرَآءِ
ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ
يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ
أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ [الحشر: 8]، ثُمَّ قالَ فِي الأنصارِ:﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ
وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ
فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ
وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]، ثُمَّ
أَثْنَى عَلَى الَّذِين اتَّبعُوهم:﴿وَٱلَّذِينَ
جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ﴾ بعدَ المُهاجِرين والأنصارِ﴿يَقُولُونَ
رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ
وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ
رَءُوفٞ رَّحِيمٌ﴾[الحشر: 10]، أمَّا الَّذِي يَتنَقَّصُ المُهاجِرينَ
والأنصارَ، ويقولُ: ليسَ عِندَهُم عِلْمٌ بأسماءِ اللهِ وصفاتِه، وإِنَّما
العِلْمُ بِذلِكَ عندَ الخَلَفِ. فَهذا لَم يَتَّبِعْهُم بإحسانٍ، ولم يَترَضَّ
عَنهُم، ويَستغفِرْ لَهُم، وقال تعالى:﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾[التوبة: 100]، اتبعوهم بإحسانٍ: أَحسَنُوا الاتِّباعَ
من غَيْرِ غُلُوٍّ ومِن غَيْرِ تَفرِيطٍ، لم يَتشدَّدُوا، ولم يَتساهَلُوا. بل
اتَّبعُوهُم باعتدالٍ وَوَسَطِيَّةٍ﴿رَّضِيَ ٱللَّهُ
عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ
خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100]، هذا
فَضلٌ عَظِيمٌ يُوجِبُ علينَا اتَّباعَ السَّلَفِ والاقتداءِ بِهم؛ كما قال تعالى:﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ
بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ﴾، وهذا يَشملُ مَن
جاءَ بَعدَهُم إِلَى يومِ القيامةِ.
كُلُّ مَنْ سارَ عَلَى هذا المَنهجِ، واقتفَى هذا الأثَرَ، فإنَّهُ يَدخُل فِي﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ﴾، ويَدخُل فِي﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد