×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

الَّذِينَ وَهبَهمُ اللهُ مِنَ العِلْمِ والحِكْمَةِ ما بَرزُوا بهِ عَلَى سائِرِ أَتباعِ الأنبياءِ، فَضلاً عنْ سائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ لا كِتابَ لَهُم، وأَحاطُوا مِن حقائقِ المعارفِ وبواطِنِ الحقائقِ بِمَا لَو جَمَعْتَ حِكْمَةَ غَيرِهم إليها لاستَحْيا مَن يَطلُبُ المُقابلةَ. ثُمَّ كيفَ يَكُونُ خَيْرُ قُرونِ الأُمَّةِ أنْقَص فِي العِلْم والحِكْمَةِ -لا سِيَّما العِلْمُ باللهِ وأحكامُ آياتِه وأسمائِهِ- من هؤلاءِ الأصَاغِرُ بالنِّسبَةِ إليهم؟

****

 يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ، فلا يَجِد للسَّلَفِ إِلاَّ المَحبَّةَ والتوقيرَ والاحترامَ، والاستفادةَ مِن عِلْمِهم، ويعتقدُ أنَّهُم خيْرُ القرونِ وأفْضَلُ القرونِ وأَعْلَمُ القرونِ باللهِ عز وجل إنْ كانَ المُتأخِّرُونَ قَد عَلِمُوا أُمورَ الدُّنْيا والاختراعاتِ، فهذا لا يَدلُّ عَلَى فَضْلِهِم؛ لأنَّ هذا ليسَ بِعِلْمٍ شَرعِيٍّ، هذه أمورٌ دُنيويَّةٌ ومَتاعٌ قَلِيلٌ، إِنَّما العِلْمُ والفخرُ والشَّرفُ فِي العِلْمِ الَّذِي جاءَ بهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّهُ هو الَّذِي ينفعُ الإنسانَ فِي الدُّنْيا والآخرةِ. أمَّا هذا العِلْمُ -وإن كان فيه شيءٌ مِنَ النَّفعِ- فهو قد يَضرُّ الإنسانَ، وَيَحمِلُه عَلَى الكِبْرِ والظُّلْمِ والعُدوانِ. ما الَّذِي استفادتْهُ البشريَّةُ الآنَ مِن هذه المُخترَعاتِ وهذه الأسلحةِ الفَتَّاكَةِ وهذه القنابلِ الذَّرِّيَّةِ المُدمِّرَةِ؟ استفادتِ الخَسارَ والدَّمارَ والخطرَ؛ حتَّى الَّذِين اخترعُوها يَخافُونَ مِنها غايةَ الخَوفِ، تُهدِّدُهُم غايةَ التَّهدِيدِ، لكِن العُلُوم الدُّنْيَوِيَّة إذا استُعِينَ بِها عَلَى عمَلِ الآخرةِ، صارت خيرًا.

«الَّذِينَ وَهَبَهُمُ اللهُ العِلْمَ وَالحِكْمَةَ» العِلْم، وهُو: المَعرِفَةُ بفِقْهِ الكتابِ والسُّنَّةِ، والحِكْمَةِ: وَضْعُهُ فِي مَوضِعِهِ، بحيثُ إنَّهُم يَتصَرَّفُونَ فِي


الشرح