×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وقوْلُه: «يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ...» ([1])،

****

يسْتَحْيي سبحانه وتعالى أن يمدَّ عبْدُه يدَيْه إليه بالدُّعَاء، فيرُدَّهما صِفرًا، يَعْنِي خَالِيتَيْن، بلْ يسْتَجِيبُ سبحانه وتعالى لمَنْ دعَاهُ، ورَفَع يَدَيْه إليه؛ لأنَّه قرِيبٌ مجِيبٌ.

الشَّاهدُ من هَذَا: وَصْفُ الله سبحانه وتعالى بالحَيَاء، وفِيه وصْفُه سبحانه وتعالى بأنَّه في العلوِّ؛ لأنَّ مدَّ اليَدَيْن إلى أعْلَى إشارَةٌ إلى العُلوِّ.

هَذَا في حَدِيثِ المسَافِر، لمَّا ذكَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حدِيثَ: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ»، ومحَلُّ الشَّاهِدِ من الحَدِيثِ قولُه: «يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ» أي: إلى اللهِ جل وعلا؛ لأنَّ اللهَ في السَّمَاء، فهو يمُدُّ يَدَيْه إلى اللهِ إشَارةً إلى العُلوِّ «يَا رَبِّ يَا رَبِّ» يكرِّر الدُّعاءَ، وهَذَا فيه: الإلْحَاحُ بالدُّعَاء وتكْرَار الدُّعَاء؛ لأنَّ هَذَا من أسْبَابِ الإجَابَةِ، لكِن مَعَ وجُودِ هَذِهِ الأسْبَاب للإجَابَة: أنَّه مُسَافرٌ، وأنَّه رثُّ الخلْقَة من السَّفَر، وأنَّه يمدُّ يَدَيْه إلى السَّمَاء، وأنَّه يكرِّر الدُّعاءَ ويلحُّ، لا يُستَجَاب دُعاؤُه بسبَبِ المَانِع الَّذي عنْدَه، وَهُو أنَّ «مَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ» لأنَّه لم يأكُلْ من الطَّيِّباتِ، واللهُ سبحانه وتعالى يقُولُ:﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ [الأعراف: 157]،


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1015).