وقَوْلُه
في الحَدِيث الَّذي في السُّنَنِ: «إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ
عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» ([1]).
****
حقٌّ، منْهَا هَذِهِ الأبْيَات، والنُّبوَّة لا تُدْركُ بالتَّربيَةِ ولا
بالتَّحرِّي، وإنَّما هي اختيارٌ مِنَ الله واصْطِفَاء مِنَ الله، هو الَّذي
يَصْطَفِي سبحانه وتعالى، قَالَ تَعَالَى:﴿ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾ [الأنعام: 124]،﴿ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ﴾ [الحج: 75]، فلا تُدرَكُ النُّبوَّة بالتَّربيَةِ ولا
بتَهْذِيبِ النَّفْس، مهما كان، وإنَّما هي فضلٌ من الله، والله يختَارُ من
يعْلَمُ سبحَانَه وتعَالَى أنَّه يصْلُحُ للنُّبوَّةِ﴿قَالُواْ
لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾[الأنعام: 124]، فأميَّة بنُ
أبي الصَّلْتِ ما حصَلَ عَلَى ما تطَلَّع إليه ورشَّحَ نفْسَه له، فحسَدَ النَّبيَّ
صلى الله عليه وسلم.
«آمنَ شِعْرُهُ»؛ لأنَّه قال حقًّا، ولكنَّه «كَفَرَ قلْبُهُ»؛ حَيْثُ
لم يؤمِنْ بمحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم حسَدًا للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم،
وغضَبًا عَلَى الله -والعِياذُ باللهِ-؛ لأنَّ الله لم يَبْعَثْه.
الشَّاهدُ مِنْه قوْلُهُ: «ربُّنَا في السَّمَاءِ أمْسَى كَبِيرًا»، وأقرَّ
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك، وهَذَا دليلٌ عَلَى أنَّ أهْلِ الجاهِليَّةِ
يُقِرُّونَ بعلوِّ اللهِ.
وَهذَا الحَدِيثُ فيهِ: وصْفُ اللهِ بالحَيَاءِ، والحيَاءُ صفَةٌ حمِيدةٌ يُوصَف اللهُ بهَا عَلَى ما يَلِيقُ بجَلاَلِه، وهُو ليسَ مثل حَيَاءِ المَخلُوقِينَ، كمَا أنَّه يَغضبُ ليس كغَضَبِ المَخلُوقِينَ، ويرْضَى ويَكْرَه، فهو يُوصَف بالحَيَاء أيضًا، ولكنَّه حيَاءٌ خاصٌّ ولائقٌ به سبحانه وتعالى.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1488)، والترمذي رقم (3556)، وابن ماجه رقم (3865)، وابن حبان رقم (876).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد