×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وقَوْلُ أميَّةَ بنِ أبِي الصَّلْت الثقَفِيِّ الَّذي أنْشَدَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هو وغَيْرُه من شِعْرِه فاسْتَحْسَنَه  ([1])، وقَالَ: «آمَنَ شِعْرُه، وكَفَرَ قلْبُهُ»  ([2]).

مَجِّدُوا اللهَ فهوَ للمَجْدِ أهْل

 

ربُّنا في السَّمَاءِ أمْسَى كَبيرَا

بالبِنَاءِ الأعْلَى الَّذي سَبَق النَّاس

 

وسَوَّى فَوْق السَّمَاء سَريرَا

شرجعًا مَا يَنَالُه بصرُ العَيْن

 

تَرَى دُونَه المَلائِكَ صورَا

****

وقصَّتُه أنَّ لَهُ مملُوكَة تسرَّى بِهَا، فغَضِبتِ امرَأتُهُ، وأخذَتْهَا غَيْرَةُ النِّسَاء، فهُوَ رضي الله عنه وَرَّى لَهَا توْرِيَةً، فصدَّقتْهُ فِيهَا؛ حَيْثُ أتَى بهَذِه الأبْيَاتِ، فظنَّتْ أنَّ هَذَا مِنَ القُرْآنِ؛ لأنَّه لمَّا جاءَتْ إلَيْه أنكَرَ أنَّه فعَلَ شَيْئًا؛ قَالَتْ: إنَّ الَّذي يكُونُ علَيْه جنَابَةٌ لا يقْرَأُ القُرْآنَ، فاقْرَأ القُرْآنَ. فأتَى بهَذِهِ الأبْيَاتِ؛ ليُوهِمَهَا أنَّها مِنَ القُرْآنِ، فصدَّقتْهُ، وهِيَ تَوْرِيَةٌ  ([3]) والتَّورِية للإنْسَانِ أنْ يفْعَلَها إذَا لَمْ يَكُن ظَالِمًا، فصدَّقَتْه بذَلِكَ، فقَالَتْ: آمنْتُ باللهِ، وكذَّبْتُ بصَرِي، وذَكَرَ ذَلِكَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فأقرَّه عَلَى ذَلِكَ.

الشَّاهِدُ منْهُ: «وفوْقَ العرْشِ ربُّ العَالَمِينَا» حَيْثُ أقرَّهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى هذِهِ الكَلِمَةِ: أنَّ العرْشَ فوْقَ المَاءِ، وأنَّ اللهَ فوْقَ العرْشِ.

 «أميَّةُ بنُ أبي الصَّلْت الثَّقفيُّ» من شُعرَاءِ الجاهِليَّة، وكَانَ عَابِدًا مُتنَسِّكًا عَلَى دين النَّصارَى، وكَانَ يظنُّ أنَّه هو الَّذي سيُبعَثُ نَبيًّا، فأخذَ يتحرَّى البَعثَة؛ ورشَّحَ نفْسَه أنَّه هو النَّبيُّ الَّذي سيُبعَث، فلمَّا بُعِثَ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حسَدَه، وكَفَرَ بِهِ،  ([4]) لكنَّه كانَ يقُولُ أشْعَارًا في الجاهِليَّةِ فيهَا


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2255).

([2])أخرجه: الفاكهي في « أخبار مكة » رقم (1973).

([3])قال في « مختار الصحاح » ص (299): ورَّى الخبرَ توْرِيةً أي: سترَهُ وأظْهَرَه غيْرَه كأنه مأخوذ من وراء الإنسان كأنه يجعله وراءه حَيْثُ لا يظهر. ا هـ.

([4])انظر: « تاريخ دمشق » (9/ 255)، و« المنتظم » لابن الجوزي (3/ 142)، و« الإصابة في تمييز الصحابة » لابن حجر (6/ 249).