×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فإنَّ حَقِيقَةَ الأمْرِ عَلَى مَا يقُولُه هَؤُلاَءِ أنَّكُم يَا معْشَرَ العِبَادِ لا تطْلُبُونَ معْرِفَةَ اللهِ عز وجل ومَا يسْتَحِقُّه من الصِّفَات نفْيًا وإثْبَاتًا، لاَ مِنَ الكِتَابِ، ولاَ مِنَ السُّنَّة، ولا مِنْ طَرِيقِ سَلَفِ الأمَّةِ. ولكِنِ انْظُروا أنْتُم فمَا وَجدْتُمُوه مستَحقًّا لَهُ من الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ فصِفُوهُ بِه، سَوَاء كَانَ موْجُودًا في الكِتَابِ والسُّنَّة أو لَمْ يَكُن، ومَا لَم تَجِدُوه مسْتَحقًّا لَهُ في عقُولِكُم فلاَ تَصِفُوه بِه! ثمَّ همْ هَهُنا فرِيقَانِ، أكْثَرهُم يقُولُونَ: مَا لَمْ تُثبِتْه عقُولُكُمْ فانْفُوهُ. ومِنْهُم مَن يقُولُ: بَلْ تَوقَّفُوا فِيهِ.

****

 أي: يَلْزمُ أيضًا -عَلَى كَلاَم هَؤُلاَءِ- أنَّه يجِبُ أنْ يُقَالَ للنَّاسِ لا تَأخذُوا العَقِيدَة مِنَ الكِتَاب والسُّنَّة؛ لأنَّهمَا ليْسَ فِيهِمَا عَقِيدَة صَحِيحَة، بلْ خذُوهَا مِنْ أقْوَالِ النَّاسِ وعقَائِدِهم وأفْكَارِهِم، فإنَّها هِيَ الصَّوَابُ، فمَا دلَّتْ عَلَيْه عقُولُكُم وأفْكَارُكُم في اللهِ، فهُوَ الحقُّ، ولا تَنظُرُوا إلى الكِتَاب والسُّنَّة، ولا مَا قَالَه السَّلَفُ؛ لأنَّهم ليْسَ عنْدَهُم عِلْم بذَلِكَ.

هَذِهِ الفِرَقُ الضَّالَّة عَلَى فرِيقَيْن:

فَرِيقٍ يعْتَمِدُ عَلَى العُقُولِ، فيقُولُ: مَا أثْبَتَتْه عقُولُكُم، فأثْبِتُوهُ في حقِّ الله، وما نَفَتْه عقُولُكُم، فانْفُوهُ، دُونَ نَظَر إلى الكِتَاب والسُّنَّة؛ لأنَّ الكِتَاب والسُّنَّة ليْسَ فِيهِمَا بَيَان للحَقِّ.

وفَرِيقٍ يقُولُ: مَا أثْبَتَتْه عقُولُكُم فأثْبِتُوهُ، ومَا نَفَتْهُ عقُولُكُم، فتَوقَّفُوا فِيهِ، فيَبْقُونَ في حِيرَةٍ، وكَأَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى ترَكَ النَّاسَ في حِيرَةٍ متوَقِّفِينَ، لا يَدْرُونَ أيْنَ الحَقُّ، هلْ يَلِيقُ باللهِ أنْ يَترُكَ عِبَادَهُ في حِيرَةٍ، لا يَدرُونَ أينَ الحقُّ؟ تعَالَى اللهُ عنْ ذَلِكَ.


الشرح